كيفية التخلص من الغازات للأطفال حديثي الولادة: دليل شامل للتعامل مع الغازات عند الرضع

تعاني نسبة كبيرة من الأطفال حديثي الولادة من الغازات، وهي من أكثر المشكلات شيوعًا في الأشهر الأولى من عمر الرضيع. تُسبب الغازات انزعاجًا كبيرًا للطفل وتُثير قلق الأهل، إذ قد تؤدي إلى بكاء متكرر، اضطرابات في النوم، وتغيرات في عادات الرضاعة. على الرغم من أن الغازات عند الأطفال الرضع تُعدّ ظاهرة طبيعية وغير مقلقة في معظم الحالات، إلا أن التعامل معها بطريقة علمية ومدروسة يسهم بشكل كبير في التخفيف من حدتها، ويضمن راحة الطفل واستقرار نمط حياته ونموه.

يناقش هذا المقال الطويل والموسع الأسباب الرئيسية لحدوث الغازات عند حديثي الولادة، الأعراض المرتبطة بها، أهم الطرق العلمية والطبيعية للتخلص منها، نصائح وقائية للحد من تراكم الغازات، إضافة إلى تسليط الضوء على العلاقة بين نوع الرضاعة ومشكلة الغازات. كما سنستعرض أهم الزيوت والتقنيات المستخدمة في تدليك بطن الطفل، وأهمية وضعيات النوم والحمل في تقليل الغازات، مدعومة بأحدث الأبحاث والتوصيات الطبية.

أولاً: فهم طبيعة الغازات عند الأطفال حديثي الولادة

حديثو الولادة لديهم جهاز هضمي غير مكتمل النضج، ما يجعلهم أكثر عرضة لتراكم الغازات في الأمعاء. يتكون الهواء في الجهاز الهضمي نتيجة لعدة عوامل، منها ابتلاع الهواء أثناء الرضاعة، تخمر الحليب داخل الأمعاء، أو نتيجة عدم تحمل مكونات غذائية معينة مثل اللاكتوز في حليب الأم أو الحليب الصناعي.

الغازات بحد ذاتها ليست مرضًا، بل هي عرض ناتج عن تفاعل طبيعي داخل القناة الهضمية، ويمكن السيطرة عليها أو تقليلها بشكل كبير إذا ما تم التعامل معها بصورة علمية مناسبة.

ثانياً: الأسباب الشائعة لتكون الغازات عند حديثي الولادة

1. ابتلاع الهواء أثناء الرضاعة
   
   يعد من أبرز الأسباب، حيث أن تقنية المص الخاطئة أو الرضاعة من زجاجة بسرعة عالية يمكن أن تسبب دخول كميات كبيرة من الهواء إلى المعدة.

2. عدم التجشؤ بعد الرضاعة
   
   التجشؤ (إخراج الهواء من المعدة بعد الرضاعة) ضروري لمنع تراكم الهواء داخل الجهاز الهضمي.

3. نمو بكتيريا الأمعاء وتخمر الحليب
   
   نتيجة لعدم اكتمال البنية الميكروبية في أمعاء الطفل، تحدث عمليات تخمير للحليب ينتج عنها غازات مزعجة.

4. تغيرات في النظام الغذائي للأم المرضعة
   
   بعض الأطعمة التي تتناولها الأم مثل البقوليات، القرنبيط، الملفوف، أو منتجات الألبان قد تؤثر على تركيبة الحليب وتسبب الغازات للرضيع.

5. عدم تحمل اللاكتوز
   
   في بعض الحالات النادرة، قد يعاني الرضيع من عدم تحمل مؤقت للاكتوز الموجود في الحليب، مما يسبب غازات وإسهالًا خفيفًا.

6. الإصابة بالمغص (Colic)
   
   وهي حالة تصيب بعض الأطفال في الأشهر الأولى وتتميز ببكاء شديد وغير مبرر، وغالبًا ما تكون مصحوبة بانتفاخ وغازات.

ثالثاً: العلامات والأعراض التي تدل على وجود غازات عند الرضيع

• بكاء متكرر ومفاجئ دون سبب واضح

• انتفاخ في البطن مع تصلب ملحوظ عند لمسه

• إخراج ريح متكرر

• حركة الساقين نحو البطن عند البكاء (وضعية التقلص)

• اضطرابات النوم والاستيقاظ المتكرر

• صعوبة في الرضاعة أو رفض الثدي/الزجاجة أحيانًا

• تجشؤ نادر أو غيابه بعد الرضاعة

رابعاً: استراتيجيات فعالة للتخلص من الغازات عند الأطفال حديثي الولادة

1. التجشؤ بعد كل رضعة

من الضروري مساعدة الرضيع على التجشؤ بعد كل رضعة سواء كانت رضاعة طبيعية أو صناعية. يمكن حمل الطفل بوضعية مستقيمة على الكتف والربت بلطف على ظهره لبضع دقائق.

2. تعديل وضعيات الرضاعة

اختيار وضعية مناسبة للرضاعة تضمن تقليل كمية الهواء المبتلع أمر حاسم. من أفضل الوضعيات هي أن يكون رأس الطفل أعلى قليلاً من مستوى معدته.

3. استخدام زجاجات الرضاعة المضادة للمغص

هذه الزجاجات مصممة لتقليل دخول الهواء أثناء الرضاعة، وتحتوي على صمامات خاصة تقلل من ابتلاع الهواء، مما يخفف من الغازات بشكل كبير.

4. تدليك بطن الطفل بلطف

التدليك المنتظم يساعد على تحفيز حركة الأمعاء وطرد الغازات. يُستخدم زيت الزيتون أو زيت اللوز أو زيت البابونج الطبيعي ويتم التدليك بحركات دائرية في اتجاه عقارب الساعة.

5. حمام دافئ

يساعد الاستحمام بالماء الدافئ على استرخاء عضلات البطن وتخفيف التقلصات المصاحبة للغازات.

6. تمارين الركبة إلى البطن

يمكن وضع الطفل على ظهره وتحريك ساقيه بلطف كما لو كان يقود دراجة، ما يساعد على إخراج الغازات وتحسين حركة الأمعاء.

خامساً: الزيوت الطبيعية الفعالة لتقليل الغازات عند الرضع

ينبغي عدم استخدام الزيوت العطرية المركزة أو تلك غير المناسبة لعمر الرضع، ويُفضل دائمًا اختبار كمية صغيرة على الجلد للتأكد من عدم وجود حساسية.

سادساً: أهمية الوضعيات الجسدية في تخفيف الغازات

1. وضعية الحمل العمودي

يحمل الطفل بشكل رأسي مع وضع رأسه على كتف الأم، وهذه الوضعية تساعد على إخراج الهواء.

2. وضعية “الطائرة”

يوضع الطفل على بطنه فوق ساعد الأم بحيث يكون وجهه متجهًا إلى الجانب، وذراع الأم تحمله من بطنه. تعمل هذه الوضعية على الضغط الطبيعي على البطن وتحفيز خروج الغازات.

3. النوم على البطن (مع المراقبة)

يساعد نوم الطفل على بطنه خلال النهار تحت إشراف الوالدين في تحسين إخراج الغازات، ولكن يجب تجنب هذا الوضع أثناء النوم الليلي لتقليل مخاطر متلازمة الموت المفاجئ.

سابعاً: تغذية الأم المرضعة وتأثيرها على الغازات

يُظهر العديد من الدراسات أن النظام الغذائي للأم المرضعة يلعب دورًا في نوعية الحليب ومدى تحفيزه لتكون الغازات لدى الرضيع. يُنصح الأمهات بتجنب الأطعمة التالية في حال ملاحظة زيادة الغازات عند الطفل:

• البقوليات (العدس، الفول، الحمص)

• الملفوف والقرنبيط والبروكلي

• منتجات الألبان كاملة الدسم

• المشروبات الغازية والكافيين

• الأطعمة الحارة والمبهرة

كما يُستحسن زيادة تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك مثل الزبادي الطبيعي، والماء بكميات كافية لدعم الهضم السليم.

ثامناً: الأعشاب الطبية المسموح بها للتخفيف من الغازات

بعض الأعشاب قد تكون مفيدة في تقليل الغازات عند الرضع، ولكن لا تُعطى مباشرة للرضيع دون استشارة طبية، بل يمكن للأم المرضعة تناولها لتنتقل فوائدها عبر الحليب:

• اليانسون: له خصائص طاردة للغازات ومهدئة

• الكراوية: فعالة في تقليل التقلصات والانتفاخ

• النعناع: يساعد على استرخاء عضلات الجهاز الهضمي

لا ينصح بإعطاء الأعشاب مباشرة للرضع حديثي الولادة إلا تحت إشراف طبي دقيق.

تاسعاً: متى ينبغي القلق من الغازات عند حديثي الولادة

في الحالات الطبيعية، تختفي الغازات تدريجيًا مع نضوج الجهاز الهضمي للطفل، وعادةً ما تنخفض بشكل ملحوظ بعد الشهر الثالث. ومع ذلك، يجب مراجعة الطبيب في الحالات التالية:

• وجود دم في البراز

• قيء متكرر أو مائل للون الأخضر

• فقدان الوزن أو ضعف في النمو

• استمرار الغازات المصحوبة بالبكاء الحاد لأكثر من 3 ساعات يوميًا

عاشراً: الوقاية والتقليل من الغازات قبل حدوثها

• استخدام رضاعة بطيئة التدفق لمنع ابتلاع الهواء

• تجنب هزّ زجاجة الحليب قبل تقديمها للطفل

• التأكد من ملائمة حجم حلمة الزجاجة لعمر الطفل

• تجشؤ الطفل في منتصف ونهاية كل رضعة

• الرضاعة في بيئة هادئة خالية من التوتر

• تجنب الإفراط في الرضاعة أو ترك الطفل يجوع كثيرًا قبل الرضعة

المصادر والمراجع

1. American Academy of Pediatrics – HealthyChildren.org: https://www.healthychildren.org

2. Mayo Clinic – Infant Gas: https://www.mayoclinic.org

المقال يهدف إلى تزويد الأمهات والآباء بمحتوى موثوق وعملي لمساعدتهم في التعامل مع واحدة من أكثر مشكلات الرضع شيوعًا، بطريقة علمية، هادئة، وفعالة.